مختارات من أشعار قيس بن الملوح
/
\
/
\
/
فؤادي بين أضلاعي غريب يُنادي مَن يُحبُّ فلا يُجيبُ
أحاط به البلاء فكل يوم تقارعه الصبابة والنحيب
لقد جَلبَ البَلاءَ عليّ قلبي فقلبي مذ علمت له جلوب
فإنْ تَكنِ القُلوبُ مثالَ قلبي فلا كانَتْ إذاً تِلكَ القُلوبُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
أرقت وعادني هم جديد فجسمي للهوى نضو بليد
أراعي الفرقدين مع الثريا كذاك الحُبُّ أهْوَنُهُ شَدِيدُ
علقت مليحة الخدين ورداُ تُشابه حُسْنَ مَطْلَعِهَا السُّعُودُ
أهِيمُ بِذِكرِهَا وَأظَلُّ صَبّاً وَعَيْنِي بِالدُّمُوعِ لها تجُودُ
ألاَ لَيْتَ لحْدَكِ كان لَحْدِي إذَا ضَمَّتْ جَنَائزَنَا اللُّحودُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
أيَا وَيْحَ مَنْ أمسَى يُخَلَّسُ عَقْلُهُ فأصبح مذموماً به كل مذهب
خَلِيّاً مِنَ الْخُلاَّنَ إلاَّ مُعَذَّباً يضاحكني من كان يهوى تجنبي
إذا ذُكِرَتْ لَيْلَى عَقَلْتُ وَرَاجَعَتْ روائع قلبي من هوى متشعب
وقالوا صحيح مابه طيف جنة ولا الهمُّ إلاَّ بِافْتِرَاءِ التَّكّذُّبِ
وَلِي سَقَطَاتٌ حِينَ أُغْفِلُ ذِكْرَهَا يَغُوصُ عَلَيْها مَنْ أرَادَ تَعَقُّبي
وشاهد وجدي دمع عيني وحبها برى اللحم عن أحناء عظمي ومنكبي
تجنبت ليلى أن يلج بي الهوى وهيهات كان الحب قبل التجنب
فما مغزل أدماء بات غزالها بِأسْفَل نِهْيٍ ذي عَرَارٍ وَحلَّبِ
بِأحْسَنَ مِنْ لِيْلَى وَلاَ أمُّ فَرْقَد غَضِيضَة ُ طَرْفٍ رَعْيُهَا وَسْطَ رَبْرَبِ
نَظَرْتُ خِلاَلَ الرَّكْبِ فِي رَوْنَقِ الضُّحى بِعَيْنَيْ قُطَامِيٍّ نَما فَوْقَ عُرْقُبِ
إلى ظعن تحدى كأن زهاءها نَوَاعِمُ أثْلٍ أوْ سَعِيَّاتُ أثْلَبِ
وَلَمْ أرَ لَيْلى غَيْرَ مَوْقِفِ سَاعَة ٍ بِبَطْنِ مِنى تَرمِي جِمَارَ المُحَصَّبِ
فأصبحت من ليلى الغداة كناظر مَعَ الصُّبحِ في أعقاب نجْمٍ مُغرِّب
ألاَ إنَّمَا غَادَرْتِ يَاأمَّ مَالِكٍ وَيُبدِي الحصى منها إذا قَذَفَتْ به
حَلَفْتُ بِمَنْ أرْسى ثَبِيراً مَكانَهُ عَليْهِ َضَبابٌ مِثْلُ رَأْس المُعَصَّبِ
وما يسلك الموماة من كل نقصة طليح كجفن السيف تهدى لمركب
خَوارِج مِنْ نُعْمَانَ أوْ مِنْ سُفوحِهِ إلى البيت أو يطلعن من نجد كبكب
لقد عشت من ليلى زماناًأحبها أرى الموت منها في مجيئي ومذهبي
ولما رأت أن التفرق فلتة وأنا متى ما نفترق نتشعب
أشارت بموشوم كأن بنانه من اللين هداب الدمقس المهذب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
حبيبٌ نأى عنِّي الزَّمانُ بِقُرْبِهِ فَصَيَّرنِي فَرْداً بغيْرِ حَبيبِ
فلي قلب محزون وعقل مدله وَوَحْشَة ُ مَهجُورٍ وَذُلُّ غَريبِ
فيا حقب الأيام هل فيك مطمع لِرَدِّ حبيبٍ أوْ لِدَفْعِ كُرُوبِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَجَدْتُ الحبَّ نِيرَاناً تَلَظَّى قُلوبُ الْعَاشَقِينَ لَهَا وَقودُ
فلو كانت إذا احترقت تفانت ولكن كلما احترقت تعود
كأهْل النَّار إذْ نضِجَتْ جُلُودٌ أُعِيدَتْ-لِلشَّقَاءِ- لَهُمْ جُلُودُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
فيا قلب مت حزناً ولا تك جازعاً فإنَّ جَزُوعَ الْقَوْمِ لَيْسَ بِخَالِدِ
هَوِيتَ فَتَاة ً كَالْغَزالَة ِ وَجْهُهَا وكَالشَّمسِ يَسْبِي دَلُّها كُلَّ عَابِدِ
وَلي كَبدٌ حَرّا وَقَلْبٌ مُعّذَّبٌ ودَمْعٌ حَثِيثٌ في الهَوى غَيْرُ جامِدِ
وأية وجد الصب تهطال دمعه ودَمْعُ الشَّجِيِّ الصَّبِّ أعْدَلُ شاهِدِ
على مَا انْطَوَى مِنْ وَجْدِهِ في ضَمِيره على الآنسات الناعمات الخرائد
فيا ليت أنَّ الدَّهْرَ جَادَ بِرجْعَة ٍ وهَيْهَاتَ، إنَّ الدَّهرَ لَيْسَ بعَائِدِ
إلَيْكَ فَعَزِّ النَفْسَ واسْتَشْعِرِ الأَسَى فحبك يمني زائداً غير بائد
وقد شسعت ليلى وشط مزارها وغيرها عن عهدها قول حاسد
فَيَا أسَفا حَتَّامَ قَلْبِي مُعَذَّبٌ إلى اللّه أشْكُو طُولَ هذِي الشَّدائِدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خليلي مرا بي على الأبرق الفرد وَعهدِي بلَيْلَى حَبَّذَا ذاكَ مِنْ عَهْدِ
ألايا صبا نجد متى هجت من نجد فقد زادني مسراك وجداً على وجد
أَإنْ هَتَفَتْ وَرْقَاءُ في رَوْنَقِ الضُّحى على فنن غض البنات من الرند
بكيتُ كَمَا يَبْكِي الْوَليدُ ولَمْ أزلْ جليداً وأبديت الذي لم أكن أبدي
وَأصْبَحْتُ قد قَضَّيتُ كُلَّ لُبَانَة ٍ تِهامِيَّة ٍ وَاشْتَاقَ قَلْبِي إلى نَجْدِ
إذا وعدت زاد الهوى لا نتظارها وإن بخلت بالوعد مت على الوعد
وإنْ قَرُبَتْ دَاراً بكيتُ وَإنْ نَأتْ كَلِفْتُ فلا لِلْقُرْبِ أسْلُو وَلاَ الْبُعدِ
ألاحبذا نجد وطيب ترابه وأرواحه إن كان نجد على العهد
وقد زعموا أن المحب إذا دنا يَملُّ وَأنَّ النَّأْيَ يَشْفِي مِنَ الْوَجْدِ
بَكُلٍّ تدَاوَيْنَا فلمْ يُشْفَ ما بِنَا على أنَّ قُرْبَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنَ الْبُعْدِ
على أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ ليسَ بِنافِعٍ إذا كان مَنْ تَهْواهُ ليس بِذي وُدِّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيا ليلَ زَنْدُ الْبَيْن يقدَحُ في صَدْري ونار الأسى ترمي فؤادي بالجمر
أبَى حَدَثانُ الدهر إلاَّ تشتُّتاً وأيُّ هَوى ً يَبْقَى على حَدَثِ الدهرِ
تعز فإن الدهر يجرح في الصفا ويقدح بالعصرين في الجبل الوعر
وإني إذا ما أعوز الدمع أهله فزعت إلى دلحاء دائمة القطر
فو الله ما أنساك ما هبت الصبا وما ناحتِ الأطيارُ في وَضَح الفَجْرِ
وما نطقت بالليل سارية القطا وما صدحت في الصبح غادية الكدر
وما لاح نجم في السماء وما بكت مُطَوَّقة ٌ شَجْواً على فَنَنِ السِّدْرِ
وما طلعت شمس لدى كل شارق وما هطلت عين على واضح النحر
وما اغْطَوطَشَ الغِرْبيبُ واسْوَدَّ لونهُ وما مر طول الدهر ذكرك في صدري
وما حَمَلَتْ أُنْثَى وما خَبَّ ذِعْلِبٌ وما طفح الآذي في لجج البحر
وما زحفت تحت الرحال بركبها قِلاصٌ تؤمّ البَيْتَ في البَلدِ القفْرِ
فلا تحْسَبي يا ليلَ أني نَسيتُكُمْ وأنْ لَسْتِ مِنِّي حيثُ كنتِ على ذُكْرِ
أيبكي الحمامُ الوَرْقُ من فَقْدِ إلْفِه وتَسْلو وما لي عَنْ أليفيَ مِنْ صَبْرِ
فأقسم لا أنساك ما ذر شارق وما خب آل في معلمة فقر
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة أُناجيكُمُ حَتَّى أرى َ غُرَّة َ الفجْرِ
لقد حملت أيدي الزمان مطيتي على مَرْكَبٍ مَسْتَعْطِل النَّاب والظُّفْرِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طبيبان لو داويتمتاني أجرتما فما لَكُمَا تَسْتَغْنِيان عَن الأجْرِ
فقالا بحزن : ما لك اليوم عندنا دواء فمت أو عز نفسك بالصبر
وقَالاَ دوَاءُ الْحُبِّ غَالٍ وَدَاؤُهُ رخيص ولا ينبيك شيء كمن يدري
فما بَرِحَا حَتَّى كَتَبْتُ وَصِيَّتِي ونشرت أكفاني وقلت احفروا قبري
فما خير عشق ليس يقتل أهله كما قَتَلَ العُشَّاقَ في سَالِف الدَّهْر
ألا حبذا البيض الأوانس كالدمى وإن كن يسكرن الفتى أيما سكر